فَقَالَ: «أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ, اسْتَغْفِرْ لِي.

فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً, وَكَانَ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ على عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا, فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ, إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً.

قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. [انظر: 89 - مسلم: 1479 - فتح 9/ 278].

ذكر فيه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقد سلف في: المظالم، في باب: الغرفة بطوله (?)، وفي آخر: وقال عبيد بن حنين: سمع ابن عباس من عمر: اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه (?)، وهو مطابق لما ترجم له، وسلف بعضه في: العلم (?).

وفيه: بذل الرجل المال لابنته بتحسين عشرة زوجها؛ لأن ذلك صيانة لعرضه وعرضها، وبذل المال في صيانة العرض واجب.

وفيه: تعريض الرجل لابنته بترك الاستنكار من الزوج، إذا كان ذلك يؤذيه ويحرجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015