قال عياض: كأنها تريد أنهم لقلتهم وقلة غنمهم حملهم على سكنى شق الجبل، أي: ناحيته أو بعضه؛ لأن الشق يقع على الناحية من الشيء وعلى بعضه، والشق أيضًا: النصف. فيكون التفسير على رواية من روى بالفتح -وهو أليق بقولها: لقلتهم- شق في الجبل كالغار ونحوه.
وله وجه آخر ذهب إليه نفطويه، وهو بالحديث أولى وأوضح لغة.
ومعنى: الشق -بالكسر- الشظف من العيش والجهد منه، قال ابن دريد: يقال: هو بشق وشظف من العيش، (أي: بجهد) (?) منه، وعليه نزول قوله تعالى: {إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (?) [النحل: 7].
قال الداودي: يروى بشق بفتح الباء والشين، وبكسرهما، والتشديد في القاف، فمن رواه بالتخفيف: أراد موضعًا، ومن شدد هو الجهد من قوله: {بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}.
وقولها: (فجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ). الصهيل: أصوات الخيل، والأطيط: أصوات الإبل. يعني: أنه ذهب بها إلى أهله، وهم أهل خيل وإبل، وكان أهلها أصحاب غنم، ليسوا بأصحاب خيل ولا إبل.
قال عياض: وأصل الأطيط: أعواد المحامل والرِّحَال، ويشبه أن يريد بالأطيط هذا المعنى، فكأنها تريد أنهم أصحاب محامل ورفاهية؛ لأن المحامل لا يركبها إلا أصحاب السعة، وكانت قديمًا من مراكب العرب (?).