يعني: في سماع واستماع، فمعنى قوله: "ما أذن الله لشيء" إنما هو: ما استمع الله لشيء من كلام الناس ما استمع إلى نبي يتغنى بالقرآن، ولأن الاستغناء بالقراَن عن الناس غير جائز وصفه بأنه مسموع ومأذون له.

قال ابن بطال: وقد رفع الإشكال في هذِه المسألة ما رواه ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب، ثنا موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر مرفوعًا: "تعلموا القرآن وغنوا به واكتبوه، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا من المخاض في العقل" (?). وذكر أهل التأويل في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51] أن هذِه الآية نزلت في قوم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب فيه خبر من أخبار الأمم.

فالمراد بالآية الاستغناء بالقرآن عن علم أخبار الأمم على ما ذكره إسحاق بن راهويه، عن ابن عيينة. وليس [المراد] (?) بها الاستغناء الذي هو ضد الفقر. وإتباع البخاري الترجمة بهذِه الآية يدل أن هذا كان مذهبه في الحديث (?).

وكذا قال ابن المنير: يفهم من الترجمة أن التغني الاستغناء لا الغناء لكونه أتبعه بالآية، ومضمونها الإنكار على من لم يستغن بالقرآن عن غيره من الكتب السالفة، ومن المعجزات التي كانوا يقترحونها، فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015