وقال البخاري بعد ذلك: (وَالْمُتَّكَأُ مَا اْتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ. وَأَبْطَلَ الذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ، أنه لَيْسَ فِي كَلَامِ العَرَبِ الأُتْرُجُّ، فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ المُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ المُتْكُ سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا المُتْكُ طَرَفُ البَظْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا مَتْكَاءُ، وَابْنُ المَتْكَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ المُتَّكَإ).
قلت: ودعوى أن ذلك ليس في كلام العرب من الأعاجيب، فقد قال في "المحكم": المتك: الأترج. وقيل: الزُّمَاوَرْد (?)، وهو ما في "الصحاح" حكاه الفراء. وعن الأخفش: هو الأترج (?). وقال في "الجامع": المتك: الأترج، وأنشد عليه شعرًا، واحده متكة. وأهل عمان يسمون السوسن المتك، وأما أبو حنيفة الدينوري فزعم أن المتك بالضم: الأترج، قال: وقرأ قوم هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترج، وكذلك قال ابن عباس، وذكر أن الذي بالفتح هو السوسن، وبنحوه ذكره أبو علي القالي وابن فارس في "المجمل" (?) وغيرهما.
وقوله: (وابن المتكاء) قيل: هي التي لم تخفض. وقيل: هي التى لا تحبس بولها. وذكر أن عمرو بن العاصي كان في سفر فغنَّى، فاجتمع عليه الناس، فقرأ فتفرقوا فعل ذلك غير مرة، فقال: يا بني المتكاء إذا أخذت في مزامير الشيطان اجتمعتم عليَّ، وإذا أخذت في كتاب الله تفرقتم (?).