وكان بالكوفة طاعون فخرج المغيرة منها (?)، فيما ذكره المدائني فلما كان في حصاص (?) ابن عوف طعن فمات. وأما عمر فرجع من سرغ ولم يقدم عليه (?)، وذلك لدفع الأوهام المشوشة لنفس الإنسان، وندم على رجوعه.
وتأول من فر أنه لم ينه عن الدخول والخروج مخافة أن يصيبه غير المقدور، لكن مخافة الفتنة أن يظنوا أن هلاك القادم إنما حصل بقدومه، وسلامة الفار إنما كانت بفراره. وهذا من نحو النهي عن الطيرة. وعن ابن مسعود: هو فتنة على المقيم الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقصت فمت، وإنما فر من لم يأت أجله، وأقام من حضر أجله.
وقالت عائشة - رضي الله عنها -: الفرار منه كالفرار من الزحف.
ويقال: قلما فر أحد من الوباء فسلم، ويكفي من ذلك موعظة قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} الآية.
قال الحسن: خرجوا حذرًا من الطاعون فأماتهم الله في ساعة واحدة، وهم أربعون ألفًا (?)