وليس المراد أنكم لا تعتقدوا تفضيل شخص على شخص، فقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253].
ومنها: أن تفضيله عليه في صبره ومعاناة قومه، فإن نبينا فضل الأنبياء بموهبة من الله.
ومنها: أنه من باب التواضع، أو يقال أن السيادة: المتقدم، فكأنه أشار بتقدمه في القيامة بالشفاعة على الخلق ولم يتعرض لذكر فضل.
ومنها: أن المنع في ذات النبوة والرسالة، فإن الأنبياء فيها على حد واحد؛ إذ هي شيء واحد لا يتفاضل، وإنما التفاضل في زيادة الأحوال والكرامات والرتب والألطاف.
وقال بعضهم: التفضيل المراد لهم هنا في الدنيا، وذلك بثلاثة أحوال: أن تكون آياته ومعجزاته أبهر وأشهر، أو تكون أمته أزكى وأطهر, أو يكون في ذاته أفضل وأظهر.
وفي أبي داود من حديث عبد الله بن جعفر: "ما ينبغي لنبي أن يقول: أنا خير من يونس بن متى" (?).
والضمير في أنا، هل هو عائد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو إلى القائل؟ أي: لا يقول ذلك بعض الجاهلين من المتعبدين في عبادة أو علم، فإنه لو بلغ من الفضائل ما بلغ، لم يبلغ درجة من درجات النبوة.
خامسها:
قوله: ("فيبصرهم الناظر"). كذا هنا، وجاء: "فينفذهم البصر" (?): بفتح الياء وبذال معجمة على الأكثر، وروي بضم الياء قال أبو عبيدة: