وليس المراد بالحديث إخراج الأسود عن جنس الكلاب، ولهذا لو ولغ في الإناء وجب غسله كغيره من الأبيض. قال ابن عبد البر: والذي نختاره: ألا يقتل منها شيء إذا لم يضر؛ لنهيه أن يتخذ شيء فيه روح غرضًا (?)؛ ولحديث الذي سقى الكلب؛ ولقوله: "في كل كبد حرى أجر" (?)، وترك قتلها في كل الأمصار وفيها العلماء، ومن لا يتسامح في شيء من المنكر والمعاصي الظاهرة. وما علمت فقيها من فقهاء المسلمين جعل اتخاذ الكلاب جرحة، ولا رد قاض شهادة متخذها. ومذهب الشافعي تحريم اقتناء الكلب بغير حاجة.

فصل:

قال أبو عمر: في الأمر بقتل الكلاب دلالة على عدم أكلها ألا ترى إلى الذي جاء عن عمر وعثمان في ذبح الحمام وقتل الكلاب (?).

وفيه: دلالة على افتراق حكم ما يؤكل وما لا يؤكل؛ لأنه ما جاز ذبحه وأكله لم يجز الأمر بقتله، ومن ذهب إلى قتل الأسود منها، بأنه شيطان، فلا حجة فيه؛ فلأن الله قد سمى من غلب عليه الشر من الإنس شيطانًا ولم يجب بذلك قتله.

وقد جاء مرفوعًا في الحمام "شيطان يتبع شيطانة" (?)، وليس في ذلك ما يدل على أنه مسخ من الجن، ولا أن الحمامة مسخت من الجن، ولا أن ذلك واجب قتله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015