وقال مرة: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} [النمل: 10] المعنى أنها في خلق الثعبان العظيم، وخفة الحية الصغيرة.
واختلف في البيوت: فقال مالك: يريد: بيوت المدينة. وقيل: يريد كل بيت في المدائن.
فصل:
وإنما أمر بقتلها؛ لأن الجن لا تتمثل بهما, ولهذا أدخل البخاري حديث ابن عمر في الباب. ونهي عن قتل ذوات البيوت؛ لأن الجن تتمثل بها، قاله الداودي.
"ويطمسان البصر": أي: يخطفانه، ويروى: "يلتمعان ويخطفان".
و"يسقطان الحبل". هو بفتح الباء: الجنين. وظاهره أن هذين النوعين لهما من الخاصية ما ذكره؛ فلا شك فيه؛ فلا ينطق عن الهوى، وأمر أن ينادى ثلاثًا، قال الداودي: يعني ثلاثة أيام. وقال غيره: ثلاث مرات. فحيات البيوت تنذر بخلاف النوعين السالفين.
وفي مسلم من حديث أبي سعيد: "إن هذِه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئًا فحرجوا عليه ثلاثًا، فإن ذهب وإلا فاقتلوه؛ فإنه كافر" (?).
والمراد بالْعَوَامِرُ: الجن، يقال للجن عوامر البيوت وعمار، والمراد: طول لبثهن في البيوت، مأخوذ من العمر، وهو طول البقاء. والمراد بالتحريج: أن تقول لها: أنت في حرج. أي: ضيق إن عدت إلينا. فأما في الصحاري والأودية فيقتل من غير إنذار؛ لعموم قوله: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم" (?)، وذكر منهن الحية.