وقال ابن عرفة: قضاء الشيء: إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه، وبه سمي القاضي؛ لأنه إذا حكم فقد فرغ ما بين الخصمين.

وقوله: ("فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ") قيل: معناه دون العرش استعطافًا أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش. واحتج قائله بقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي: فما دونها (?).

والذي قاله المحققون في تأويل الآية قولان: أنه أراد بـ {مَا فَوْقَهَا} في الصغر؛ لأن المطلوب هنا والغرض الصغر أي أن فوق تزاد في الكلام وتلغى كقوله: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] وكقوله: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11].

وأجمعوا أن الاثنتين كافية في ذلك، فلم يك بحرف (فوق) (?) فيه أثر.

وهذا أيضًا لا يتوجه في معنى الحديث؛ لأنك إذا نزعت منه هذا الحرف وألغيته لم يصح معنى الكلام؛ لأنه لا يجوز أن تقول: فهو عنده العرش، كما لا يصلح أن يقال: فإن كن نساءً اثنتين.

والقول فيه -والله أعلم- أنه أراد بالكتاب أحد شيئين: إما اللفظ الذي قضاه وأوجبه كقوله: {كَتَبَ الله لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} المجادلة: 21] أي: قضى الله وأوجب. ويكون معنى قوله: "فَوْقَ العَرْشِ" أي: علم ذلك عند الله فوق العرش لا ينسخ ولا يبدل كقوله: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52] وإما أن يراد بالكتاب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015