ونقل -أعني القرطبي- عن جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار جواز كل ذلك، فليس الجمع والأفراد بناء على أن ما تقدم إما منسوخ، وإما خاص به، احتجاجًا بحديث علي في الترمذي مصححًا: يا رسول الله، إن ولد لي بعدك غلام أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: "نعم" (?) وحديث عائشة في أبي داود: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني ولدت غلامًا وسميته محمدًا وكنيته أبا القاسم، فُذكر لي أنك تكره ذَلِكَ، فقال: "ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي؟! " (?).
ويتأيد النسخ بأن جماعة كثيرة من السلف وغيرهم سموا أولادهم باسمه وكنوهم بكنيته جمعًا وتفريقًا؛ كمحمد بن مالك بن أنس ومحمد بن أبي بكر وابن الحنفية وابن طلحة بن عُبيد الله، فإنهم كلهم كنوا بذلك، وكأن هذا كان أمرًا معروفًا معمولًا به في المدينة وغيرها، فأحاديث الإباحة إذًا أولى لأنها ناسخة لأحاديث المنع وترجحت بالعمل المذكور (?)، وهو مذهب مالك.
وخالف ابن حزم في النسخ قَالَ: وإنما كان النهي للتنزيه والإذن لا للتحريم، وما قدمناه من المنع من التسمية بمحمد شاذ، وإن كان قد روي عنه مرفوعًا: "تُسمُّون أولادكم محمدًا ثم تلعنونهم" (?) فكأنه