وقوله: (تِيْدِكُم) أي: على رسلكم وأمهلوا ولا تعجلوا وهي من التؤدة. يقول: الزموا تؤدتكم، وكان أصلها تأدكم فكأنه أبدل الياء من الهمزة. قَالَ الكسائي: تيد زيدًا ورويدًا زيدًا بمعنًى: أي: أمهل زيدًا. ومن روى أتيدكم فلا يجوز في العربية؛ لأن اتأد لا يتعدى إلى مفعول. لا تقول: أتأدت زيدًا، وإنما تقول: تيدكم. كما يقول: رويدكم، وتيدكم بفتح التاء، وللأصيلي وأبي ذر بكسرها.

وقوله: (أنشُدُكم الله) أي: أسألكم به برفع نشيدتي. أي: صوتي. وقال الداودي معناه: اجعلوا الله شهيدًا بيني وبينكم أن تقولوا ما تعلمون.

فصل:

احتج بعض أهل العلم بهذا الحديث -كما قَالَ الخطابي- في إبطال (حكم) (?) السكران، وقالوا: لو لزم السكران ما يكون منه في حال سكره، كما يلزمه في حال صحوه لكان المخاطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما استقبله به حمزة كافرًا مباح الدم.

وقد ذهب على هذا القائل أن ذَلِكَ منه (?) إنما كان قبل تحريم الخمر، وفي زمان كان شربها مباحًا، وإنما حُرمت بعد غزوة أحد (?). قَالَ: جابر: اصطبح ناس الخمر يوم أحُد، ثم قتلوا آخر النهار شهداء. وأما وقت حرمت فشربها معصية، وما تولد منها لازم، ورخص الله لا تلحق العاصين. وذهب الخطابي إلى أنه لما كان الخمر مباحة وقت شربها كان ما تولد منها بالسكر من الجفاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلزم فيه عقوبة، فعذره - صلى الله عليه وسلم - لتحللها مع أنه كان شديد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015