إذا عرفت ذلك ففيه: إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر، وهو مستحب، ومن فعل السلف.
قَالَ الفراء: وهذا الطعام يسمى النقيعة؛ لأن المسافر يأتي وعليه النقع، وهو غبار السفر. فقال: منه أنقعت إنقاعًا. وقال في "الموعب": النقيعة: المحض من اللبن يُبَرَّد.
وقال السلمي: طعام الرجل ليلة يملك (?). وعن صاحب "العين": النقيعة: العبيطة من الإبل، وهي جزور يوفر أعضاؤها، فتقع في أشياء على حيالها (?)، وقد نقعوا نقيعة، ولا يقال: أنقعوا. واختلف أصحابنا: هل هو الذي يعملها، أو تعمل له؟
قَالَ ابن أبي صفرة: قوله: (وكان ابن عمر يفطر لمن يغشاه؛ إذا قدم من سفر أطعم من يغشاه وأفطر معهم). أي: ترك قضاء رمضان؛ لأنه كان لا يصوم رمضان في السفر أصلاً. فإذا انقضى إطعام وُرَّاده ابتدأ قضاء رمضان الذي أفطره في الصوم، وقد جاء هذا مفسرًا في "الأحكام" لإسماعيل، واعترض عليه ابن بطال فقال: أما الذي ذكره إسماعيل عن ابن عمر فليس فيه ما يدل على صحة ما تأوله، ثم ساق ما ذكره إسماعيل كما أسلفناه. فليس يدل هذا على أن سفره كان أبدًا في رمضان دون سائر المشهور، بل قوله: (إذا كان مقيمًا لم يفطر) يدل: أن إفطاره كان لغاشية قد يكون من صيامه التطوع، فيحتمل أن يبيت للفطر. فإن قيل: ويحتمل أن يبيت الصائم ثم يفطر لوُرَّاده بعد التبييت.