أو جهادهم عدوًّا إلا بإذنه؛ لأن الله تعالى قَالَ: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} [النور: 62] فعلم أن الإمام ينظر في الأمر الذي استأذنه، فإن رأى أن يأذن له أذن، وإن لم ير ذَلِكَ لم يأذن له؛ لأنه لو أبيح للناس تركه - صلى الله عليه وسلم - والانصراف عنه لدخل الخرم وانفض الجمع، ووجد العدو غرة فيثبون عليها وينتهزون الفرصة في المسلمين، وفيه أن من كان حديث عهد بعرس أو متعلق القلب بأهله أو ولده فلا بأس أن يستأذن في التعجيل عند الغفلة إلى دار الإسلام كما فعل جابر، وفي هذا المعنى حديث لداود (?) - عليه السلام - أنه قَالَ في غزوة خرج إليها: "لا يتبعني من ملك بضع امرأة ولم يبن بها، أو بنى دارًا ولم يسكنها" (?)، فإنما أراد أن يخرج معه من لم يشغل نفسه بشيء من علائق الدنيا؛ ليجتهد فيما خرج له وتصدق نيته ويثبت في القتال ولا يفر، ويدخل به الحزم على غيره ممن لا يريد الفرار.
قَالَ ابن التين: واحتج الحسن بالآية المذكورة على أنه ليس لأحد أن يذهب من الجيش حَتَّى يستأذن الإمام، وهذا عند سائر الفقهاء كان خاصًّا بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال قوم: لا يذهب من كان في الجمعة فأصابه أمر ولا ينصرف حَتَّى يستأذن الإمام. قَالَ: وليس كذلك في مذاهب الفقهاء.