الشافعي الآخر. وكره مالك إذا كان صيرفي يهودي أو نصراني أن يصرف منهم.
واحتج الطحاوي لأصحابه بكتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل بآية من القرآن، وبما رواه حماد بن سلمة عن حبيب المعلم، (قَالَ) (?): سألت الحسن: أعلم أهل الذمة القرآن؟ قَالَ: نعم، أليس يقرءون التوراة والإنجيل وهو كتاب الله. واحتج الطحاوي بقول الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} [التوبة: 6] قالوا: وقد روى أسامة بن زيد أنه - صلى الله عليه وسلم - مر على مجلس فيه عبد الله بن أبي قبل أن يسلم، وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود، فقرأ عليهم القرآن.
وحجة مالك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، وكره مالك أن يشترى من أهل الكفر فيعطوا دراهم فيها اسم الله، وقد سلف كلامه في الصيرفي.
وقال الطحاوي: يكره أن يعطى الكافر الدراهم فيها القرآن؛ لأنه لا يغتسل من الجنابة، فهو كالجنب يمس المصحف فيكره أن يعطاه، والدراهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عليها قرآن وإنما ضربت في أيام عبد الملك. وقال غيره: في كتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل آية من القرآن فيه جواز مباشرة الكفار صحائف القرآن إذا احتيج إلى ذلك (?).