وأخرجه الأربعة أيضًا (?).
ثم الكلام عليه من وجوه:
أحدها: الحديث صريح لمذهب الشافعي ومن وافقه في تجويز لبس الحرير للرجل عند نزول الحكة به، أو كثرة القمل، وما في معناهما، وكان فيه خاصية تدفع ذلك، وعلل أيضًا بأن فيه بردًا، وهو عجيب فإن الأطباء على خلافه. وصف أبو علي الملابس البرد في المصقول والكتان، والحر في الحرير والأقطان. وخالف مالك فقال: لا يجوز، والسنة قاضية عليه. قَالَ القرطبي: الحديث قال على جواز لبسه للضرورة، وبه قَالَ بعض أصحاب مالك، وأما مالك فمنعه في الوجهين. والحديث واضح الحجة عليه إلا أن يدعي الخصوصية لهما ولا يصح، ولعل الحديث لم يبلغه (?).
قلتُ: ويجوز لبسه أيضًا عند الضرورة كفجاءة حرب ولم يجد غيره، ولمن خاف من حر أو بردٍ، وسواء فيما ذكرناه الحضر والسفر. وقال بعض أصحابنا: يختص بالسفر، وهو ضعيف. وجمع ابن العربي في أصل لبس الحرير عشرة أقوال: التحريم بكل حال، مقابله مباح بكل حال، الحرمة وإن خلط مع غيره كالخزِّ، استثناء الحرب، استثناء السفر، استثناء المرض، استثناء الغزو، واستثناء العلم منه، إلحاق النساء بالرجال، يحرم لبسه من فوقٍ دون أسفل وهو الفرش، قاله أبو حنيفة وابن الماجشون وعلَّلاه بأنه ليس بلبس، ويرده قول أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس (?).