لقابض الحاضر بالسلف، وهذا إذا كان الحاضر والدين عينًا كله أو كان الحاضر يجوز بيعه، فالدين المؤجل على هيئته.
وأما إن كان الحاضر فضة والدين ذهبًا، أو كانا طعامين مختلفين كالتمر والبلح فلا يجوز ذلك، والذي يدل على خلاف قول أبي عبيد قوله: (فإن توي لأحدهما)، ولو كان كما ذكره من أن ذلك بأيديهما ما قال ذلك؛ لأنَّ كل واحدٍ قبض ما ابتاعه.
وقوله: (تَوِيَ) بكسر الواو على وزن علم، ومعناه: هلك واضمحل، وضبطه بعضهم بفتح الواو على وزن عَلَا وليس ببيِّن كما قاله ابن التين، واللغة على الأول.
وفي حديث جابر: الجلوس على الطعام، وذلك أنه لم يقصد به امتهانه.
وقوله: (حتى إذا جددته) أي: قطعته، يقال بالدال المهملة والمعجمة، وكان الدين الذي على والد جابر ثلاثين وسقًا من تمر كما ذكره البخاريُّ في باب: إذا (قاضاه) (?)، أو جازفه في دينٍ فهو جائز (?)، وقال فيه جابر: (توفي أبي وترك عليه ثلاثين وسقًا لرجلٍ من اليهود)، وأسلفنا هناك أنه لا يجوز عند العلماء أن يأخذ من له دين من تمرٍ على أحد تمرًا مجازفة في دينه؛ لأنَّ ذلك من الغرر، وإنما يجوز أن يأخذ مجازفة في ذلك أقل من دينه، وكذلك أيضًا لا يجوز عندهم أن يأخذ من طعام مكيل معلوم الكيل طعامًا جزافًا من جنسه، إلا أن يكون طعامًا مخالفًا لجنس الطعام المكيل يجوز التفاضل فلا يجوز إلَّا يدًا بيد.