عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ به أَوْ تتكَلَّمْ" (?) فمحمول عَلَى ما إِذَا لم يستقر، وذلك معفو عنه بلا شك؛ لأنه لا يمكن الانفكاك عنه بخلاف الاستقرار، وستأتي المسألة مبسوطة في موضعها إن شاء الله تعالى.
وقولها: (أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ)، أي: يطيقون الدوام عليه. وقال لهم - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ لئلا يتجاوزوا طاقتهم فيعجزوا، وخير العمل ما دام وإن قل (?). وإذا حُمّلوا ما لا يطيقونه تركوه أو بعضه بعد ذَلِكَ، وصاروا في صورة ناقضي العهد، والراجعين عن (عادة جميلة) (?)، واللائق بطالب الآخرة الترقي وإلا فالبقاء عَلَى حاله؛ ولأنه إِذَا اعتاد من الطاعة بما يمكنه الدوام عليه دخل فيها بانشراح واستلذاذ لها ونشاط، ولا (يلحقه) (?) ملل ولا سآمة. والأحاديث بنحو هذا كثيرة في الصحيح مشهورة (?).
وقد ذم الله تعالى من اعتاد عبادة ثمَّ فرط فيها بقوله: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27].