في الكذب في الإصلاح بين الناس، فقال إبراهيم: كانوا لا يرخصون في الكذب في جد ولا هزل. وروى مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: لا يصلح الكذب في جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا ينجزه، اقرؤا إن شئتم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119] (?).
وقال آخرون: بل الذي رخص فيه هو المعاريض وقد قال ابن عباس: ما أحب أن لي بمعاريض الكذب كذا وكذا (?). وهو قول سفيان وجمهور العلماء.
وقال المهلب: ليس لأحد أن يعتقد إباحة الكذب، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكذب نهيًا مطلقًا، وأخبر أنه مجانب للإيمان، فلا يجوز استباحة شيء منه، وإنما أطلق - عليه السلام - الصلح بين الناس أن يقول ما علم من الخير بين الفريقين ويسكت عما سمع من الشر منهم، ويعد أن يسهل ما صعب، ويقرب ما بعد، لا أنه يخبر بالشيء على خلاف ما هو عليه لأن الله قد حرم ذلك ورسوله.
وكذلك الرجل يعد المرأة ويمنيها، وليس هذا من طريق الكذب؛ لأن حقيقة الكذب: الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه، والوعد لا يكون حقيقة حتى ينجز، والإنجاز موجود في الاستقبال، فلا يصح أن يكون كذبًا.