فقرعهم زكريا، وكان زوج أختها فضمها إليه. وقال ابن عباس: لما وضعت مريم في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي (?)، وقال مقاتل في "تفسيره": لما ولدت حنة مريم خشيت ألا تقبل الأنثى محررة فلفتها في خرقة ووضعتها في بيت المقدس عند المحراب حيث يتدارسون القراءة، فقال زكريا -وهو رئيس الأحبار-: أنا آخذها، أنا أحق بها؛ لأن أختها عندي. فقالت القراء: لو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمِّها، لكنها مُحررة، وهلمَّ نتَسَاهَم. فاقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي.
ثانيها: لما دَعَا يُونس بن مَتّى قومه أهل نَيْنَوى من بلاد الموصل على شاطئ دجلة للدخول في دينه أبطئوا عليه، فدعا عليهم ووعدهم العذاب بعد ثلاث، وخرج عنهم فرأى قومه دخانًا ومقدمة العذاب، فآمنوا به وصدقوه وتابوا إلى الله وردوا المظالم، حتى ردوا حجارة مغصوبة كانوا بنوا بها، وخرجوا طالبين يونس فلم يجدوه، فلم يزالوا كذلك حتى كشف الله عنهم العذاب، ثم إن يونس ركب سفينة فلم تجر؛ فقال أهلها: أفيكم آبق؟ فاقترعوا، فخرجت القرعة عليه فالتقمه الحوت. وقد أسلفناه.
وقد اختلف في مدة مُكثه في بطنه من يوم واحد إلى أربعين يومًا، وذكر مقاتل أنهم قارعوه ست مرات؛ خوفًا عليه من أن يقذف في البحر، وفي كلها تخرج عليه.
ونقل ابن التين أنَّ القُرْعةَ وقعت عليه ثلاث مرات، وأنها لما ركدت قالوا: فيها رجل مشئوم.