وحديث عائشة في القُرْعَةِ عِنْدَ السَّفَرِ (?).
وحديث أبي هريرة فِي النِّدَاءِ وَالصفِّ الأَوَّلِ "ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا .. " (?).
وقد سلف الكلام على القُرعة قريبًا في حديث الإفك وفي الشركة قبله.
والقُرْعةُ في المشكلات سنة عند جمهور الفقهاء في المستوين في الحجة؛ ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم، وترتفع الظنة عمن تولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منه على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد؛ اتباعًا للكتاب والسنة، وقد أسلفنا قريبًا أنه عمل بها ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا.
واستعمالها كالإجماع من أهل العلم، فيما يقسم بين الشركاء، فلا معنى لقول من ردها ورد الآثار المتواترة بالعمل بها. قال الشافعي: ولا يعدو (المقترعون) (?) على مريم أن يكونوا تنافسوا كفالتها، فكان أرفق بها وأعطف عليها وأعلم بما فيه مصلحتها أن تكون عند كافل واحد، ثم يكفلها آخر مقدار تلك المدة، أو تكون عند كافل ويغرم من بقي مؤنتها بالحصص، وهم بأن يكونوا تشاحوا كفالتها أشبه من أن يكونوا تدافعوها؛ لأنها كانت ضعيفة غير ممتنعة مما يمتنع منه من عقل ستره ومصالحه، فإن تكفلها واحد من الجماعة أستر عليها وأكرم لها، وأي المعنيين كان فالقرعة تلزم أحدهم ما يدفع عن نفسه، أو تخلص له ما يرغب فيه.