الحج على الفور. وأن القضاء قد ترتب في الذمة، والصلاة لا قائل بأنها على الفور ولم تترتب في الذمة بعد. ألا ترى أنه لو مات قبل أن يصلي لا يعصي. واستحب مالك في المدونة تتابع القضاء، وبقية كلامه ظاهر.

فَلَوْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ عِنْدَ تَعْيِينِ الْقَضَاءِ فَفِي الْفِدْيَةِ قَوْلانِ

أي: لو لم يبق لمرضان. إلا قدر ما عليه فمرض أو سافر حينئذ وهو مراده بقوله: (تَعْيِينِ الْقَضَاءِ). والقولان مبنيان على أنه هل يعد هذا تفريطاً أم لا؟ قال في التنبيهات: واختلف في صفة المفرط الذي تلزمه الفدية على مذهب الكتاب، فذهب أكثر الشارحين إلى أنه إنما تلزمه إذا أمكنه ذلك في شعبان قبل دخول رمضان، فلم يفعله، فمتى سافر فيه أو مرضه أو بعضه فلا تلزمه فدية فيما سافر فيه أو مرضه، ولو كان فيما قبل من الشهور صحيحاً مقيماً، وهو مذهب البغداديين وأكثر القرويين في تأويل الكتاب. وهو معنى ما قال مالك في المبسوط.

وهذب بعضهم إلى مراعاة ذلك في شهر شوال بعد رمضان الذي أفطره، فمتى مضت عليه أيام عدد ما أفطر وهو صحيح مقيم ولم يصم حتى دخل عليه رمضان آخر وجبت عليه الفدية، ولو كان في بقية العام لا يقدر على الصوم. وهذا المذهب أسعد بظاهر الكتاب لقوله في المسألة: إذا صحَّ شهراً [أو أقام في أهله شهراً] أو أوصى أن يطعم عنه أن ذلك في ثلثه مبدأ، ولا يبدأ إلا الواجبات، وبدأه على نذر المساكين، ونذر المساكين واجب، فجعله أوجب منه، فلولا أنه يجب بخروج شوال لكان قد أوصى بما لا يجب عليه وكان كسائر الوصايا التي لا تبدأ. انتهى.

وعلى هذا فكان الأولى أن يقول: فلو مرض أو سافر بعد مضي أيام يمكنه فيها القضاء، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015