قال في التنبيهات بعد حكاية هذه الأقوال الثلاثة والمغيرة: لا يرى منه القضاء وإن كان من قبلة، والقول بالقضاء في الإتعاظ رواه ابن القاسم عن مالك في الحمديسية.
ابن عبد السلام: وهو الأظهر، وبعدم القضاء رواه ابن وهب عن مالك، قال في التنبيهات: إنما الخلاف عد بعضهم إذا حصل عن ملاعبة أو مباشرة، وأما إن كان عن نظر أو لمس فلا شيء فيه. وأطلق في البيان الخلاف، ولفظه: وإن أنعظ ولم يمذ، ففي ذلك ثلاثة أقوال. فذكر القولين السابقين، قال: والثالث الفرق بين المباشرة وما دونها من قبلة أو لمس، فإن انعظ عن مباشرة فعليه القضاء، وإن أنعظ بما دونها فلا شيء [157/أ] عليه وهو قول ابن القاسم.
وَالْمَبَادِئُ كَالْْفِكَرِ وَالنَّظَرِ وَالْقُبَلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْمُلاَعَبَةِ إِنْ عُلِمَتِ السَّلامَةُ – لَمْ تَحْرُمْ، وَإِنْ عُلِمَ نَفْيُهَا حَرُمَتْ، وَإِنَّ شَكَّ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ
يعني: أن الحكم يختلف في مبادئ الجماع على أقسام ثلاثة:
- فإن كان يعلم من نفسه السلامة من المني والمذي لم يحرم؛ ونفيه لا يقتضي الكراهة ولا الإباحة، وقد كرهوا ذلك في المشهور وجعلوا مراتب الكراهة تتفاوت بالأشدية على نحو ما رتب المصنف بالماذي؛ فأخفها الفكر المستلزم وأشدها الملاعبة، ثم إن ابن القاسم قال: شدد مالك في القبلة في الفرض والتطوع، ورأى ابن حبيب أنه شدد فيها في الفرض وأرخص فيها في التطوع في رواية ابن حبيب، وروي عن مالك التفرقة بين الشيخ والشاب، ولا شك أن من لا يُكرِّه القبلة، لا يُكرِّه ما قبلها، وقد يكرِّه ما بعدها.
-وإن كان يعلم من نفسه عدم السلامة من المني والمذي: اللخمي: أو كان يسلم مرة ولا يسلم أخرى حرمت.
-وإن شك في السلامة فقولان، الظاهر منهما التحريم احتياطاً للعبادة. وقيل: لا تحرم لأن الإباحة هي الأصل.