الصيام من الليل" رواه النسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجة؛ ولا يقال: ليس بعمل، فلا يتناوله الأول، لقوله عليه الصلاة والسلام حكاية عن ربه عز وجل: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به". وقول الطحاوي: إن الاستثناء في قوله عليه الصلاة والسلام: "إلا الصوم" منقطع، بعيد.
وَلا يُشْتَرَطُ مُقَارَنُتَهَا لِلْفَجْرِ لِلْمَشَقَّةِ
هذا ظاهر، ونص القاضي أبو محمد: على أنه يصح أن تكون مقارنتها للفجر، وهو الذي يؤخذ من كلام المصنف، لأنه إنما نفى ذلك للمشقة، فدل على أن اقترانها بالفجر هو الأصل. وفي البيان: يصح إيقاعها في جميع الليل إلى الفجر. وقيل إيقاعها مع الفجر لا يصح. والأول أصح لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
وَالْمَشْهُورُ الاكْتِفَاءُ بِهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ رَمَضَانَ لِجَمِيعِهِ
المشهور كما ذكر المؤلف، وبه قال أحمد بن حنبل. وجماعة. قال في البيان: وحكى ابن عبد البر عن مالك وجوب التبييت كل ليلة وهو شذوذ في المذهب. انتهى.
وظاهره أن هذا القول منصوص وذكر [155/ أ] جماعة أن ابن عبد الحكم إنما تأوله من عموم قول مالك: لا صيام لمن لم يبيت الصيام. ولكن إن كان هذا هو النقل الصحيح ففي تأويل ابن عبد الحكم نظر؛ لأن قول مالك يكون كقوله عليه الصلاة والسلام: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" وهو لا يدل عند الإمام على وجوب التبييت كل ليلة. والله أعلم. ورأى في المشهور أن الشهر كله كالعبادة الواحدة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؟ قال سند: ولهذا قال: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. وظاهر الإتمام فعل لما