قَالَ مَالِكٌ: لا يُقَوَّمُ إِلا بَعْدَ تَخْييرِ الشَّرِيكِ فِي الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ

ويتفرع على أظهر الروايتين ما قال مالك في الواضحة: لا يقوم نصيب الشريك على المعتق إلا بعد تخيير ربه بين العتق والتقويم، فإن أعتق فذلك له، وإن أبى قوِّم، وقد يقال في هذا البناء نظر؛ لأنا إن قلنا: إن العبد باق على ملك غير المعتق؛ فلا يلزم عليه تخيير الشريك، بل يكون الواجب حينئذ التقويم على المعتق كما ذهب إليه بعضهم، وعلى مقابله لا تخيير لنفوذ عتقه، وعلى هذا يأتي ما في قذف المدونة في الأمة: يعتق الشريك جميعها وهو موسر أن الشريك ليس له أن يعتق نصيبه، ولهذا قال مالك في النكت: إن مسألة القذف خلاف أصلهم أن من أعتق [749/ب] شقصاً أن للشريك أن يعتق أو يقوم، ولا يفترق ذلك في القياس يعتق الشريك جميعها؛ لأن عتقه إنما هو مسلط على ما يملك منها.

فَلَوِ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَفِي قَبُولِ رُجُوعِهِ قَوْلانِ

إذا خيرناه فاختار العتق ثم أراد التقويم أو بالعكس، فهل له الرجوع أم لا؟ والخلاف إنما هو منصوص فيما إذا أ {اد التقويم؛ فمذهب ابن القاسم في المدونة والعتبية: أنه ليس له بعد ذلك أن يعتق؛ لأنه لما ترك حقه في العبد وجب التقويم على الأول، فصار حقاً له لا يخرج عن يده إلا برضاه، والقول الآخر لابن الماجشون وأصبغ، ورواه ابن وهب عن مالك؛ لأن قوله: أنا أقوم على شريكي عِدَةٌ لم تجب، وأما الصورة الأخرى وهي اختيار العتق فلميذكر اللخمي فيها إلا انه ليس له الرجوع إلى التقويم، وأجرى صاحب البيا فيها القولين اسابقين.

ابن عبد السلام: وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق بني أن يكون الشريك اختار ذلك من نفسه، أو بتخيير المعتق، أو بتخيير الحاكم، وليس فيما وقفت عليه من كلامهم في ذلك بيان، ولكن قوة كلامهم أن المسألة مفروضة فيما إذا اختار الشريك من غير تخيير القاضي له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015