وَلا يُعْتَقُ إِلا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ عَلَى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ

مقابل الأظهر القول بالسراية، ومقتضى كلامه - رحمه الله- أنه لا يعتق على الأظهر إلا بعد شيئين؛ التقويم، ودفع القيمة. واستغنى المصنف بالتقويم عن الحكم؛ لأنه غالباً لا يكون إلا بعد الحكم، وكانت أظهر- والله تعالى أعلم- لظاهر الحديث؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "قوم عليهما قيمة عدل وأعطى شركاءه حصصهم وأعتق عليه العبد". فذكر صلى الله عليه وسلم العتق بعد إعطائه القيمة. فإن قيل: إن الواو لا ترتب؛ قيل: جاء في بعض رواية النسائي بثم عن سفيان عن عمر عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسراً فإنه يقوم عليه ولا شطط ثم يعتق". وجاء في رواية بالفاء، ويدل على اعتبار الحكم ما رواه النسائي [749/أ] من قوله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق نصيباً له في اثنين كلف عتق ما بقي".

وقوله: (وَالثَّالِثُ) أي: وفي السألة قول ثالث إن عم المعتق بأن قال: نصيبي ونصيب غيري حر ونحوه، فالسراية وإن لم يعم فكالثاني. وجعل المصنف هذا القول في المسألة ابتداء، وإنما جعله ابن شاس مفرعاً، فقال، قال القاضي أبو محمد: أظهر الروايتين أن السراية تحصل بالتقويم ودفع القيمة للشريك.

ويتفرع على الروايتين مسائل؛ إحداها: زمان اعتبار القيمة، فعلى أظهر الروايتين يوم الحكم إذا نص المعتق على نصيبه، وإن عمم في جملة العبد فيوم العتق، وقال مطرف وعبد الملك: بل يوم الحكم كالمقتصر على نصيبه. وروي عن أشهب وأصبغ وابن عبد الحكم: وأما على الرواية الأخرى فيوم العتق على كل حال. لكن قال ابن عبد السلام: والقول الثاثل تقييد. وفي المدونة دليل عليه؛ ففي كتاب العتق: إذا أعتق أحد الشريكين في الأمة حصته وهو ملي ثم وطئها المتمسك بالرق قبل التقويم لم يحد؛ لأن حصته في ضمانه قبل التقويم. ثم قال: وإن أعتق أحدهما جميعها وهو ملي لزم ذلك شريكه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015