كان الجل باقياً فهو محل اتفاق، هذا فيما إذا كانت اليد هي الجانية، وأما إن كان المجني عليها؛ فلا قصاص من الصحيحة.
وَالذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ كَالأَقْطَعِ الْكَفِّ
يعني: إذا قطع صاحب ذكر مقطوع الحشفة ذكر سالمها: خير المجني عليه بين القصاص من الذكر المقطوع الحشفة وبين أخذ دية ذكره الصحيح، كما تقدم إذا قطع أقطع الكف يد شخص صحيحة من المرفق.
وَعَيْنُ الأَعْمَى وَلِسَانُ الأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَحُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَ اقْتَصَّ لَهُمَا أَوْ أَخَذَ العَقْلَ ...
في بعض النسخ: على المشهور، وسقط ذلك من بعضها، وهي الصواب، وفي ثبوتها قلق جدًّا؛ لأنك إما أن تحمل كلامه على أن صاحب اللسان الأبكم والأعمى جانيان أو مجنياً عليهما، فعلى أنهما جانيان يكون معنى كلامه: أن الأعمى والأبكم إذا جنيا على صحيح؛ فالمشهور لا يكون للصحيح عليهما إلا العقل، ومقابل المشهور أن الصحيح مخير في العقل والقصاص، والفرق على الشك بين ذلك واليد الشلاء، أن في عين الأعمى جمالاً، وفي لسان الأبكم الإحساس والذوق، وعلى هذا الخلاف راجع إلى المشبه به، ويحتمل على هذا أن يرجع إلى المشبه والمشبه به ويكون كرره للخلاف في اليد الشلاء ليعين المشهور إذ لم يعينه أولاً، وقد نص في البيان على أن لعين الأعمى كاليد الشلاء إذا جنيا على الصحيح في دخول الخلاف، لكن يرد على هذا كله قوله: (فَحُكُومَةٌ) لا يبقى له وجه؛ لأن الحكومة إنما تجب في الجناية على الأعمى والأبكم والأشل في جنايتهما، وإن حملنا كلامه على أن الأعمى والأبكم مجني عليهما؛ فيكون في لسان الأبكم وعين الأعمى حكومة على المشهور، فيقتضي هذا أن الشاذ فيهما دية، ولا يعلم هذا في المذهب. قوله: (وَإِنْ كَانَ اقْتَصَّ ... إلخ). هو مبالغة على المشهور، وهو ظاهر.