وَتُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَحَلِّ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَلا تُقْطَعُ الْيُمَنَى بالْيُسْرَى، وَلا بالْعَكْسِ، وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالْعَيْنُ سَوْاءٌ، وَلا السََّبابَةُ بالْوُسْطَى، وَلا الثَّنِيَّةُ بالرَّبَاعِيَةِ، وَلا الْعُلْيَا بالسُّفْلَى، وَتَتعَيَّنُ عِنْدَ عَدَمِهَ الدِّيَةُ ..
يعني: أنه لابد من المماثلة في أمور ثلاثة؛ وهي: المحل، والقدر، والصفة؛ لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
قوله: (وَلا تُقْطَعُ الْيُمْنَى بالْيُسْرَى) راجع إلى اتحاد المحل، ثم بين أنه لا فرق في ذلك بين اليد والعين من الرجل؛ لينبه على قول الحسن بن حي: أنه تؤخذ العين اليسرى باليمنى لا العكس. والرباعية بفتح الراء مخفف الياء، الجوهري: كالثمانية، هي بين الثنية والنياب. وقوله: (وَتَتَعَيَّنُ عِنْدَ عَدَمِهِ) أي: محل الجناية، ويحتمل أن يعود على المماثل المفهوم من المماثلة، وإذا تعذر القصاص وجب المصير إلى الدية، كما إذا عدم المثل في المثليات، فإن القيمة تتعين، والدية هنا في مال الجاني اتفاقاً؛ لأن الجناية عمداً.
فَإِنْ قُطِعَتْ بعد جِنَايَتِهِ بسَمَاوِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ؛ فَلا شَيْءَ لِلْمَجْنِيٌ عَلَيْهِ ..
يعني: إذا قطع رجل يمنى آخر ثم قطعت يد الجاني بأحد الوجوه التي ذكر؛ فقد سقط حق المجني عليه، لأن حقه إنما كان في القصاص، وإذا تعذر لتعذر محله بطل حقه، وهذا بين على المشهور أنه لا حق للمجني عليه إلا في القصاص، وأما على قول أشهب أن الواجب التخيير في ذلك أو الدية بحث، وفي بعض النسخ، بغير جناية المجني عليه إذا قطعها فقد استوفى، وفي بعض النسخ: (بغَيْرِ جِنَايَةِ أَجْنَبيَّ)، واحترز بذلك بقطعها من جناية أجنبي، فإن للمجني عليه أولاً أن يقتص من الجاني ثانياً على المشهور كما تقدم.