عيسى: إلا أن يقال الأصل أنه لا قصاص إلا في الجراح؛ لقوله تعالى: (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) [المائدة:45] واللطمة لا جرح فيها، والخلاف في السوط مبني على أنه يستلزم الجرح غالباً أو لايستلزمه.
ابن عبد السلام: والمشهور أن الضرب بالعصا لا قود فيه.
وَأَمَّا الْمَعَانِي كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَهَابُهُ بسِرَايَةِ مَا فِيهَ الْقِصَاصُ كَمُوضِحَةٍ اقْتُصَّ لَهُ فِيهَا. فَإِنْ ذَهَبَ اسْتَوْفَى وَإِلا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ ..
لما فرغ من الضرب والكسر والجرح تكلم على المعنى ومثله بالسمع والبصر، وأدخل كاف التشبيه ليدل على عدم الحصر، ليدخل فيه الذوق والشم وغيرهما. وقوله: (ذَهَابُهُ) عائد على المعنى؛ أي: فإن كان ذلك المعنى بسبب جرح فيه القصاص سرى [701/ب] إلى تلف ذلك المعنى، كما أوضحه موضحة عمداً ذهب منها بصره، ويقتص من الجاني بمثلها، فإن ذهب بصره فقد حصل المطلوب، وإن لم يذهب وجبت دية البصر للمجني عليه.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي مَالِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ
أي: دية ما لم يذهب في ماله، وهو مذهب المدونة، وروى أشهب أنه من العمد الذي يتعدد القصاص بما شبه الجائفة.
وَكَذَلِكَ السِّرَايَةُ إِلَى يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَلا قِصَاصَ فِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجَبَيْنِ وَاللِّحْيَةِ وَهُوَ كَالخَطَأِ إِلا الأَدَبَ ...
أي: مثل السراية إلى المعنى السراية إلى الضرب، كما لو جرحه في كتفه فشلت يده، وهو ظاهر في أشفار العينين والحاجبين واللحية، وهو كالخطأ وعمد الأدب؛ لأن هذه ليست جراحاً وإنما ورد القصاص في الجراح.