فقال: أولها الحارصة بحاء وصاد مهملين: هي التي جرحت الجلد؛ أي: قطعته، وهي الدامعة بعين مهملة؛ لأن الدم ينبع منها كالدمع، ثم ذكر قولاً كما فسرنا به كلام المصنف أولاً، ويرجح حمل كلام المصنف على الأول، بأنه كذلك في الجواهر، وذكر ابن عبد البر قولاً ثالثاً فقال: أولها الحارصة، ويقال لها الحرصة: وهي حرصت الجلد؛ أي: شقته، قال: وقيل: بل الدامية، وهي تدمي من غير أن يسيل منها دم، ثم الدامعة، وهي: التي يسيل منها، وقيل: الدامية والدامعة سواء، ويقال: مِلطاء بكسر الميم بالمد والقصر، وملطاة. وقيل: إن الباضعة والمتلاحمة مترادفتان. وقيل: الحارصة هي السمحاق، وفي هذه الألفاظ خلاف كثير من غير ما ذكرت تركته خوف الإطالة.
وَلا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ الْهَاشِمَةِ؛ وَهِيَ: الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ، وَالْمُنَقَّلَةِ؛ وَهِيَ: مَا أَطَارَتْ فِرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنْ صَغُرَ، وَالأمَّةِ؛ وَهِيَ: مَا أَفْضَى إِلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ بِقَدْرِ إِبْرَةٍ، وَالدَّامِغَةِ؛ وَهِيَ: الَّتِي تَخْرِقُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: فِي الْهَاشِمَةِ الْقِصَاصُ إِلا أَنْ تَصِيرَ مُنَقَّلةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لابُدَّ أَنْ تَصِيرَ مُنَقَّلَةٌ
أي: بعد الموضحة، ويحتمل بعد الجراح السابقة، ويسقط على قول ابن القاسم ذكر الهاشمة؛ لأنها لابد أن تصير منقلة عنده، و (الْمُنَقَّلَة) بكسر القاف، وحكي فيها الفتح، (فَرَاشَ) بفتح الفاء وكسرها، ويقال: لأن (مَا) موصولة أيضاً، وفسر بعضهم الأمة بما فسر به المصنف الدامغة بالغين المعجمة.
ابن عبد السلام: والظاهر أنهما مترادفان أو كالمترادفين، وإذا قلنا بالقصاص في الهاشمة، فقال أشهب: يستفاد منه، فإن أدت إلى الهشم وإلا أخذ أرش الزائد.
محمد: وهو صواب إذا كان بذي جرح الأول موضحة ثم تهشمت، فأما إذا كانت الضربة هي التي هشمته فلا قود فيها.