وأشار بقوله: (وَالْقِيمَةُ هَنَا كَالدِّيَةِ) إلى أن سيد العبد لو أراد أن يلزم الذمي قيمة العبد لجرى على الخلاف بين ابن القاسم وأشهب في الدية، فعلى قول ابن القاسم ليس له إلا قتل الذمي وليس له أن يلزمه القيمة، وعلى قول أشهب له ذلك.

قوله: (وَقِيلَ: لا يُقْتَلُ) أي: الذمي بالعبد المسلم، هو قول سحنون وأحد قولي ابن القاسم.

وَلِلأُبُوَّةِ وَالأُمُومَةِ أَثَرٌ فِي الدَّرْءِ باحْتِمَالِ الشُّبْهَةِ إِذَا ادَّعَيَا عَدَمَ الْقَصْدِ كَمَا لَوْ حَذَفَهُ بالسَّيْفِ وَادَّعَى أَدَبَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ لا يُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ شَرَكَهُ أَحَدٌ فِي قَتْلِهِ قُتِلَ ...

لما فرغ من المانع مطلقاً؛ وهو الإسلام والحرية، شرع في المانع من جهة، ولهذا قال: (أَثَرٌ فِي الدَّرْءِ) ولو بعده مانعاً مطلقاً. والدرء: الدفع؛ أي: دفع القصاص. والباء في (باحْتِمَالِ) للسببية، والسببية هي الشفعة التي جبلا عليها، فلم يتهما على إرادة القتل إذا ادعيا عدم القصد؛ أي: إلى القتل، ثم مثَّل لذلك بما لو حذفه بسيف فمات، نحوه في الموطأ في قصة المدلجي، وفيه أن عمر رضي الله عنه غلَّظ عليه الدية؛ لأنه لما كان فعله يقتل به الغير وسقط عنه هو القتل للشبهة؛ غلظت عليه الدية توسطاً بين الحالتين. قوله: (وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الأَبِ لا يُقْبَلُ مِنْهُ) أي: عدم القصد إلى قتله.

ابن عبد السلام: وفاعل (شَرَكَهُ) ضمير يفهم من السياق؛ أي: شركه أجنبي. انتهى. وقد يقال: بل هو عائد إلى غيره.

وَلِذَلِكَ قُتِلَ مُكْرِهُ الأَبِ دُونَهُ

(مُكْرِهُ الأَبِ) بكسر الراء: اسم فاعل: أي: ولأجل الشبهة وتباين حكم الأب من غيره، لو أكره الأجنبي الأب على قتل ولده؛ قتل الأجنبي فقط، وقد تقدم إلى أن المكرِه والمكرَه يقتلان معاً، فلولا ما أشار إليه لقتل الأب أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015