قال: يتقاصان، ولم يقل يأخذها السيد ويؤدي الدية التي جناها العبد منجمة، دل ذلك على أنها حالَّة، وقال أصبغ خلاف هذا: وهو أن سيد العبد مخير في جنايته على الحر خطأٌ بين أن يسلمه فيها أو يفديه بها مؤجلة.
فلو اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ فَلا ضَمَانَ بشَرْطِ الْعَجْزِ عَنِ الصَّرفِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْعَجْزُ حَقِيقَةٌ لا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ ...
قوله: (بِشَرْطِ الْعَجْزِ) يوهم أن هذا ليس شرطاً في الفارسين إذا أجمحا فرساهما ولم يُقدر على صرفهما فكان عن ذلك تلف، فإنه لا ضمان في ذلك، وإنما يختلف الفرسان من السفينتين والفارسين إذا جهل أمرهما في قدرتهما على الصرف حملاً على الاختيار، والسفينتان بالعكس. وقال أشهب في السفينة: إذا علم أن ذلك من أمر غلبهم وليس من أمر غرقوا فيه فلا شيء عليه، وإن لم يكن يعلم فذلك على عواقلهم، وظاهره التسوية بين الفارسين والسفينتين، والفرق على المذهب: أن جري السفينتين بالريح ويس من عملهم بخلاف الفارسين، ويناقش المصنف في قوله: (بشَرْطِ الْعَجْزِ) لأنه يقتضي أنه لابد من تحقيقه، ولا يشترط تحقيق العجز، فالأولى أن لو قال: فلا ضمان، إلا أن النواتية قادرون على صرفها.
وقوله: (لا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) يعني: أو كان النواتية يقدرون على صرف السفينة، ولكن يخشون مع ذلك على أنفسهم، فلم يصرفوها حتى هلكوا غيرهم فإنهم يضمنون؛ إذ ليس لهم أن يسلموا أنفسهم بهلاك غيرهم.
وقوله: (ظُلْمَةٍ) أي: كان اصطدامهم لظلمة، فإن ذلك لا يسقط الضمان عنهم كالمصطدمين في البر لظلمة، غير أن كلام المصنف يوهم أن مراده خوف الظلمة، وأنه مشارك لخوف الغرق في الحكم، والمسألة منقولة في الوجه الذي قلناه: أنه لا يصح حملها على ما فهم من كلام المصنف.