وَيَجُوزُ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَامَ بِمَا يَتَكَلَّفُهُ مِنْ دَابَّةٍ وَنَفَقَةٍ عَجَزَ أَوْ لَمْ يَعْجَزْ، وَقِيلَ: لا تَجُوزُ فِيهِمَا وَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ فِي غَيْرِ الْمُبَرِّزِ.

ضمير التثنية المجرور بـ (في) راجع إلى حالتي العجز وعدمه والأقرب جواز ذلك في الوجهين ليسارة المنفعة، ولأن الشاهد لم يستفضل شيئاً في ذلك، ولنأت بكلام سحنون وكلام صاحب البيان عليه فهو الذي حكاه ابن شاس وقصد المصنف اختصاره لما فيه من الفوائد، قال سحنون في الشهود يدعون إلى الشهادة في غير البلد فيقولون: " يشق علينا النهوض إلى الحاضرة" فيعطيهم المشهود له دواباً وينفق عليهم: فإن كانوا على مثل البريد أو البريدين وهم يجدون الدواب والنفقة فلا يأخذوا ذلك منه، فإن فعلوا سقطت شهادتهم، وإن كانوا لا يجدون جاز ذلك وقبلوا، ولو أخبروا بذلك القاضي كان أحسن، وإن كان على مثل ما تقصر فيه الصلاة فأكثر لم يشخص الشهود من مثل ذلك ويشهدون عند من يأمرهم القاضي به في تلك البلاد، ويكتب بما يشهد به عنده إلى القاضي.

ابن رشد: وخفف ذلك ابن حبيب إذا كان قريباً، وكان أمراً خفيفاً، وينبغي أن يحمل على التفسير؛ فالقريب على قسمين: قريب جداً تقل فيه النفقة ومؤنة الركوب- لا يضر فيه الشاهد ركوب الدابة ولا أكل الطعام، وغير قريب جداً فهذا يبطل الشهادة إن ركب دابه المشهود له وله دابة أو أكل طعامه عند سحنون. وقيل: لا يبطل ذلك وهو ظاهر قول أصبغ ومطرف في الشاهد في الأرض النائية يحتاج إلى تعيينها بالحيازة لها: أنه لا بأس أن يركب دابة المشهود له ويأكل طعامه.

ابن رشد: وهو الأظهر؛ إذ ليس هذا مما يتمول ليسارته، وإن كان الشاهد لا يقدر على النفقة، ولا على اكترائه دابة، ويشق عليه الإتيان راجلاً فلا تبطل شهادته إذا لم يسقط عن نفسه ما هو واجب، وقد قيل: تبطل، وأما إن كان من البعد بحيث لا يلزمه الإتيان ولم يقم القاضي من يشهد عنده بالموضع الذي هو به فلا يضره أكل طعام المشهود له وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015