وَأَمَّا السَّمَاعُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ فَقَالَ ابن القاسم: هُوَ مُرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ مِثْلَ أَنَّ نَافِعاً مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهِ عَنْهُمَا، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِذَلِكَ أَصْلاً فَقِيلَ له: أَيَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ لا يَعْلَمُ أَبَاكَ، وَلا أَنَّكَ ابْنُهُ، فَقَالَ: نَعَمْ وَيَقْطَعُ بِهَا وَيَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ ..

هذا هو النوع الثاني من شهادة السماع المفيد للعلم، وهو متفق على قبوله، وظاهر كلام الفقهاء فيه عموم حكمه في الأصوات، وأنه من العلم التواتري، وقد علم أن خبر التواتر يشترط فيه أن يكون خبراً عن أمر محسوس.

وَالتَّحَمُّلُ حَيْثُ يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ

يعني: أن تحمل الشهادة حيث يفتقر إليه فرض على الكفاية؛ أما أنه فرض فلأنه لو تركه الناس كلهم أدى إلى إتلاف الحقوق، وأما أنه على الكفاية فلأن الفرض يحصل بالبعض.

وإذا كان على الكفاية فيتعين في حق من انفرد كما في سائر فروض الكفاية.

وضمير (إِلَيْهِ) عائد على التحمل، واحترز من أن يدعى الشاهد إلى تحمل شهادة لا يتعلق بها حكم، ودليله قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) بعد قوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2] وظاهره في التحمل. وأما قوله تعالى: (وَلا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) فقد اختلف فيه هل المعنى: إلى الأداء وهو تأويل مالك، أو إلى الشهادة أو إليهما- على ثلاثة أقوال؟ واستظهر الثاني؛ لأن الآية [678/ ب] إنما وردت فيما يفعله المتبايعان وقت البيع، ولأن عقبه: (وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ) [البقرة: 282] والكتاب إنما هو عند التحمل، ويرجح قول مالك بأن الشاهد حقيقة إنما هو من تحمل لا من دعي لها، ذكره أهل الأصول في مسائل الاشتقاق. ويجاب عنه بما قاله بعضهم من أن التفصيل في المشتق إنما هو إذا كان الوصف محكوماً به، وأما إذا كان متعلق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015