بكذبها؛ فلا يلزمه أن يسعى في أمر يقطع ببطلانه، بخلاف الذي يكتب [676/ أ] خطه ويطول تطويلاً يؤمن معه التضييع، ثم البينة تقابل ما كتبه بما أحضره المدعي وتشهد بموافقته أو مخالفته.
الثالث: إذا أقام شاهداً واحداً على الخط فروايتان حكاهما ابن الجلاب، وهما مبنيتان على أنه إذا شهد له اثنان هل يحتاج إلى يمين أم لا؟ فمن قال: لا يحتاج إلى يمين أعمل الشهادة هنا، ومن قال: يحتاج أبطل الشهادة هنا، وإذا قلنا: يحكم له به فيحتاج إلى يمينين، يمين مع شاهده، ويمين أخرى ليكمل السبب.
الشرمساحي في شرح الجلاب: وصح أن يحلف بيمينين في حق واحد؛ لأنهما على جهتين مختلفتين لا على جهة واحدة.
وَأَمَّا الثَّانِي فَرِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهَا جَائِزَةُ، وَضَعَّفَهَا مُحَمَّدُ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ سَمِعَهَا وَلَمْ يُشْهِدْهُ عَلَيْهِا، وَصَوَّبَهُ الْبَاجِيُّ إِلا فِي الأَحْبَاسِ وَنَحْوِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِي إِخْبَارِهَا وَلا يَتَسَاهَلُ فِي كِتَابَتِهَا ..
يعني: وأما القسم الثاني وهو الشهادة على خط الشاهد الغائب أو الميت.
وجعل المصنف المشهور من الروايتين أو أشهرهما الجواز على اختلاف النسخ، وتبع في ذلك صاحب البيان؛ لأنه قال: لم يختلف قول مالك في الأمهات المشهورة في إعمالها وإجازتها، وروي عنه أنها لا تجوز، وإليه ذهب محمد.
وقال الباجي: مشهور قول مالك أنه لا تجوز الشهادة على خط الشاهد، وروى ابن القاسم وابن وهب إجازتها، وقاله سحنون، واحتج محمد لما اختاره من رد الشهادة بما ذكره المصنف عنه أن غاية خطه أن يكون كلفظه وهو لو سمعه بنص شهادته لم يجز له نقلها عنه وصوب الباجي تضعيف محمد إلا في الأحباس، وأعاد المصنف الضمير في: (صَوَّبَ) على ما فهم من ضعفها.