وقوله: (أَوْلَى) أي: على القول بالجواز، ولا يريد أنه يتفق على الجواز؛ لأن سحنوناً يمنع وإن شهد للأكبر من أولاده على الأصغر، والرشيد منهما على السفيه الذي في ولايته، والعاق على البار، وكأنه رآه حكماً غير معلل وأن المنع في ذلك له.
وقال سحنون في نصراني مات وله ولد نصراني يرثه، وله ولدان مسلمان يشهدان بدين لأبيهما على رجل: إن شهادتهما لا تقبل مع ارتفاع التهمة بموت أبيهما وصيرورة ماله لولده النصراني.
قالوا: ترد شهادة الأب لولده وإن كان عبداً مع كون العبد لا يملك ما شهد له أبوه به ملكاً لا يقدر على انتزاعه.
وزادوا فقالوا: لا تقبل شهادته لسيد ولده ولسيد أبيه؛ لأجل التهمة بأن يصانع لسيد ولده أو سيد أبيه الشهادة ليحسن إلى أبيه أو إلى ابنه، ولذلك لو شهد ولدان على سيد أبيهما أنه باعه أو شهدا أن أباهما العبد جنى على رجل فإن شهادتهما لا تقبل أيضاً؛ لأنهما يتهمان أن يكونا قصدا إنقاذ أبيهما أو ولدهما من سوء مملكة السيد.
فَلَوْ كَانَتْ أُمُّهُمَا مُنْكِرَةً لِلطَّلاقِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِلأَبِ عَلَيْهَا
احترز بقوله: (مُنْكِرَةً) من أن تكون مقرة بالطلاق قائمة به- فلا تقبل. نص عليه أشهب وأصبغ وسحنون، وأطلق ابن القاسم القبول ولم يقيد بكون الأم مقرة أو منكرة، لكن قيده صاحب البيان بقول أشهب ولم يجعل بينهما خلافاً، ولهذا - والله أعلم- لم يتعرض المصنف لقول ابن القاسم، لكن حمله اللخمي على الخلاف.
وقوله: (مُنْكِرَةً لِلطَّلاقِ) يريد: والأب أيضاً منكر، ولا يريد أن الأب مقر؛ لأن الأب لا يحتاج إلى شهادتهما إذ الطلاق بيده.
فإن قيل: لعله أراد إذا كان الأب مدعياً للطلاق على خلع والأم منكرة له.