بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة، فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأن ذلك قد ورد من قوله قبل نفوذ الحكم، فلا يسمع بعد نفوذه. انتهى.

وفي المدونة في باب: "القطع" إثر المسألة المتقدمة؛ أعني: إذا قالا: لا حجة لنا، وإن قال: "قد بقيت لي حجة" فأمهله فلم يأت بشيء حكم عليه، فإن أتى بعد ذلك يريد أن ينقض ذلك لم يقبل منه إلا أن يأتي بأمر يرى أن له وجهاً.

ابن القاسم: مثل أن يأتي بشاهد عند من لا يقضي بشاهد ويمين، وقال: "لا أعلم لي شاهداً آخر" فحكم عليه القاضي ثم وجد شاهداً آخر بعد الكم فليقض بهذا الآخر، ومثل أن يأتي ببينة لم يعلم بها، وإلا لم يقبل منه.

ابن المواز: وإنما ذلك عندنا في القاضي نفسه، فأما لو ولي غيره لم يكن له أن ينظر فيه ولا ينقضه.

وقال سحنون: لا يقبل القاضي بعد الحكم من المطلوب حجة وإن أتى بما له وجه.

بعض القرويين: وما في المدونة أشبه، وفي المجموعة في الذي يقضي عليه ثم يجد بينة لم يعلم بها أن ذلك له وقد عزل القاضي، أيقضي بها الثاني؟ قال: نعم.

ابن يونس: وهو صواب كما لو قال: لي بينة غائبة بعيدة.

ابن عبد السلام: وانظر هذا الخلاف حيث يقول المحكوم عليه: "بقيت لي حجة" والمؤلف حكاه حيث يجيب بقوله: "لا حجة لي". انتهى. وكلام المصنف يأتي على كلام ابن رشد؛ فانظر ذلك.

وَإِذَا تَزَاحَمَ الْمُدَّعُونَ فَالسَّابِقُ ثُمَّ الْقُرْعَةُ، إِلا الْمُسَافِرَ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ

يعني: سواء كان الوقت لا يسع إلا بعضهم، أو كان يسع الجميع ولكن كل واحد أراد التقديم- فيقدم الأول فالأول. قيل: وينبغي أن يوكل من يعرف له الأول فالأول،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015