وظاهر قوله: (طَالَبَ) أن للقاضي أن يسأل المدعى عليه وإن لم يقل المدعي: سله.

المازري: وهو ظاهر الروايات؛ لأن شاهد الحال يغني عن هذه الزيادة، فإن أقر؛ أي: المدعى عليه فللمدعي الإشهاد عليه لئلا ينكر.

وظاهر قوله: (وَلِلْحَاكِمِ) التخيير، وفي النوادر عن ابن عبد الحكم: وإن أقر له المطلوب بشيء أمره أن يشهد عليه لئلا ينكر، وإنما كان للقاضي التنبيه على الإشهاد ولم يكن من تلقين لأحد الخصمين لأن الإشهاد مع ما فيه من تحصين الحق فيه قطع النزاع وتقليل الخصام، وذلك من شأن القضاة.

فَإِنْ أَنْكَرَ سَأَلَ: أَلَكَ بَيِّنَةُ؟ فَإِنْ قَالَ: "لا" وَاسْتَحْلَفَهُ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الأَشْهَرِ إِلا أَنْ يَظْهَرَ عُذْرُهُ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ ..

لما كان للمدعي عليه حالتان: إقرار وإنكار، وقدم الكلام على الأولى- أتبعه بالكلام على الثانية، فإذا أنكر سأل القاضي المدعي: ألك بينة؟ فإن قال: "نعم" أمره بإحضارها وسمع منها وأعذر فيها لخصمه، فإن لم يظهر مدفعاً حكم عليه، وإن ادعى مدفعاً أجله في إثباته، فإن لم يأت به وإلا قضى عليه.

وإن قال: "لا بينة لي" أخبره القاضي أنه ليس له إلا يمين المطلوب، فإن استحلفه فحلف ثم أتى المدعي ببينة؛ فإن كان له عذر في تأخيرها من نسيان أو عدم تقدم علم أو ظن أنها ماتت أو بعدت وشبه ذلك قبلت، ولا بد من يمين المدعي على دعوى نسيان البينة أو غيره مما يدعيه.

قال ابن الماجشون في الواضحة: فإن لم يكن له عذر فالأشهر أنه لا تسمع البينة، وهو قوله في المدونة في كتاب الشهادات؛ لأنه نفاها وأدخل خصمه عهدة اليمين، ومقابله لمالك أيضاً من رواية ابن نافع وقاله أشهب؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه: "البينة العادلة خير من اليمين الفاجرة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015