فلو اشترى أحد ثوبين وقبضهما ليختار أحدهما والخيار له: فأحدهما مبيع وهو في الآخر أمين، وقيل: إلا أن يكون سأل في إقباضهما. وقال أشهب: ليس بأمين ....
أي: إذا اشترى ثوباً من ثوبين وقبضهما ليختار واحداً منهما إن شاء، وإن شاء ردهما فليس له أن يتمسك إلا بواحد منهما، فيضمن أحدهما بالاتفاق، لأنه بيع على خيار، واختلف في الآخر على ثلاثة أقوال، مذهب ابن القاسم وهو المشهور: أنه فيه أمين، لأنه مقبوض على أن يرد على صاحبه.
والثاني له أيضاً في الموازية: وإن لم يسال في الإقباض فكالأول، وإن سأل البائع ضمنهما، واختار محمد الأول.
والثالث لأشهب في الموازية، وقال: ضامن لهما، لأن كل واحد منهما يمكن أن مبيعاً.
فإن ادعى ضياعهما، فعلى المشتري ضمان واحد بالثمن لا غير، وقال أشهب: يضمنهما أحدهما بالثمن أو الأقل، والآخر بالقيمة ....
هذا تفريع الأقوال، وبدأ بالتفريع على الأول لأنه المشهور، أي: فعليه أن يضمن واحداً بالثمن كما تقدم، ولا ضمان عليه في الثاني لأمانته فيه. وعلى قول أهب يضمنها، أحدهما: بالقيمة لكونه غير مبيع، ويضمن الآخر بالأقل من الثمن أو القيمة، لأنه إذا كان الخيار له قادر على أن يلزمه بالثمن أو يريده، فيضمنه بالقيمة بعد حلفه.
وقوله: (بالثمن أو الأقل) يريد بالثمن إن كان أقل، أو بالقيمة إن كانت أقل، ولو أسقط بالثمن واكتفى بالأقل لكان أحسن.
ولم يفرع المصنف على القول بالتفرقة لوضوحه، لأنه إن سأل فكقول أشهب وإلا فكالمشهور.