ثالثها: أن اشتراء، مصدر وهو مضاف إلى المشترى منه. والفاعل محذوف، وهو المشتري، أي: وفي اشتراء المشتري من البائع مال العبد المبيع بماله، أي: بمال المشتري. والخلاف فيها منصوص لابن القاسم وأشهب، كما ذكره في الوجه الثاني، وفيه تعسف.
رابعها: أن البائع بمعنى المشتري، لأن كلام منهما بائع في المعنى، واشترى بمعنى باع، وضمير (ماله) يعود على المشتري، وفيه تعسف، وإن كان البائع يطلق في اللغة على المشتري لكن الفقهاء لا تستعمله، وإنما يستعمله من يريد الألغاز.
تنبيه:
ما تقدم من تمشية ابن راشد من خلاف ابن القاسم وأشهب، إنما ذلك إذا اشترى المال على وجه لو انفرد المال لم يجز، كما لو كان المال عيناً وعرضاً واشتراه بعين، وأما لو اشتراه على وجه لو انفرد جاز فلا خلاف في الجواز.
والمتعين ولا غرض في عدده، أو قل ثمنه يجوز جزافاً
لما ذكر أن من شرط البيع أن يكون معلوماً خشي أن يتوهم منع الجزاف، فذكره ليعلم أن حكمه الجواز. وأن الحزر أقيم فيه مقام العلم. وقوله: (والمتعين) أي: المشاهد المرئي، بذلك فسره ابن راشد، وتفسير ابن عبد السلام المتعين بالمقوم بعيد جداً. وذكر علماؤنا لبيع الجزاف شروطاً:
أولها: أن يكون مرئياً، فلا يجوز بيع غائب جزافاً، إذ لا يمكن حزره.
ثانيها: ألا تكون آحاده مقصودة، كالجوز واللوز والعصافير وصغار الحيتان، فلا يجوز بيع الرقيق والحيوان والثياب جزافاً، وإليه أشار بقوله: (ولا غرض في عدده).
وفي الواضحة: جواز بيع الأترج والبطيخ جزافاً وإن اختلفت آحاده في الكبر والصغر.