وقوله: (كَذَاتِ السَّيِّدِ) هو أيضاً من الأمثلة التي لا تعلم فيها البراءة لأنها إذا كانت ذات سيد ثم انتقلت إلى غيره فذلك الغير لم يعلم براءة رحمها لاحتمال أن يكون السيد قد وطئها.
وقوله: (والْمَسْبِبَّةِ) ظاهر، وفيها جاء الحديث المتقدم.
وقوله: (وإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ ... إلخ) (إن) للبالغة بمعنى (لو) أي يجب الاستبراء على كل من يمكن حملها سواء كانت من رأت دم الحيض أم لا، وجعل سن الصغيرة التي يمكن حملها ثلاثة عشر، وسن الكبيرة التي يمكن حملها خمسين، وتقدم في الطهارة فيمن سنها خمسون هل يحكم لم تراه من الدم بحكم الحيض أم لا؟ وكذلك اختلفوا هنا في العدد هل يحكم لها بحكم اليائسة أم لا؟
وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْضَعَ فِيهَا فَاشْتْرُيِتْ فَحَاضَتْ فِي الطَّرِيقِ.
يعني: وكذلك يجب الاستبراء إذا أبضع في جارية، أي إذا أرسل دراهم مع شخص ليشتري له بها جارية فاشتراها، وظاهر كلامه أنه لا فرق في ذلك بين أن يأتي بها المبضع معه أو يرسلها مع غيره، وإنما ذكر في المدونة المسالة فيما إذا أرسلها مع غيره.
عياض: ووجب الاستبراء هنا لأنها قد خرجت من يد مشتريها المؤتمن عليها، ولهذا فارقت المودعة التي تخرج ولو كان مشتريها هو الذي أتى بها إليه كانت كمسألة المودعة، وقال أشهب: تجزئها حيضتها في الطريق ولو أرسلت مع وكيل، ولا استبراء عنده من سوء الظن، وعلى هذا فيقيد كلام المصنف بما إذا بعثها مع غيره، واستشكل قول ابن القاسم بوجهين: أحدهما: لو وجب الاستبراء بسوء الظن لزم ألا يطأ من إيمائه إلا من لا تتصرف، وأن لا يطأ في كل طهر إلا مرة، ثانيهما: أن ابن القاسم وافق في الأمة المودعة، وكذلك الأمة المرتهنة تفدى على أن لا استبراء فيهما، فكان يلزمه ألا يستبرئ في المسالة المذكورة لأن المبضع معه والرسول أمينان، وأجيب بأن المبضع معه بعثها مع غيره بغير