بغير يمين، وإلا لم تصدق. وقضى أبان ابن عثمان في مطلقة ادعت بعد خمسة وأربعين يوماً أن عدتها قد انقضت أنها مصدقة وتحلف، وليس العمل على التحليف إذا ادعت ما تحيط في مثله، وهذا لأنهن مأمونات على فروجهن ولا يعلم ذلك إلا من جهتهن ألا ترى قوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) [البقرة: 228] فلولا أن قولهن مقبول في ذلك وإلا لما كان لعدم حلية الكتمان فائدة.
وقوله: (وَفِي قُبُولِ النَّادِرِ: قَوْلانِ) اللخمي: واختلف إذا كانت المدة تنقضي فيها العدة للنادر هل تصدق؟ فقال مالك في المدونة: إذا قالت حضت ثلاث حيض في شهر، يسأل النساء فإن كن يحضن ويطهرن لذلك صدقت. وقال في الموازية: لا تصدق في شهر، وقال أيضاً: لا تصدق في شهر ونصف وما أراها إلا عجلت زمان أقل حيض النساء أن يقمن خمساً، وقال سحنون: لا تصدق في أقل من شهرين وعنه أقل ما تصدق فيه أربعون. وقال ابن العربي: عادة النساء عندنا أن تحيض في كل شهر مرة وقد قالت الأديان فلا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر.
وَلا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا ولا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وانْقَطَعَ، وَلا رُؤْيَةَ النِّسَاءِ لَهَا فِي وَضْعٍ ولا حَيْضٍ ..
يعني إذا قالت: انقضت عدتي؛ ثم أكذبت نفسها أو قالت: إنما قلت إن عدتي انقضت لأني رأيت دماً وظننت أنه يتمادى وقد انقطع بإثر قولي، أو نظر النساء إليها فلم يرين بها أثر حيض ولا وضع فلا عبرة بقولها ولا قولهن، وبانت بقولها الأول وتصديقها [372/ ب] ذريعة إلى إجازة النكاح بغير شروطه، ورتب المصنف هذه الثلاث مسائل ترتيباً حسناً، لأنه حكم أولا بعدم قبول قول المرأة التي أكذبت نفسها، ثم عقبه بعدم قبول قول من لم تكذب نفسها، ثم عقبه بعدم قبول قول من شهد لها النساء بصدقها.