وقال في البيان: إنما اختلف في القرب وأما مع البعد فلا يجوز النكاح، وإن أجازه باتفاق إلا على تأويل التونسي؛ فإنه تأول أنه لا فرق على أحد قولي مالك بين القرب والبعد، وعلى هذا فيكون في المسألة ثلاثة أقوال. انتهى.
وجعل الباجي المسألة على وجهين: أحدهما: أن يكون موقوفاً من الطرفين. والثاني: أن يكون موقوفاً من طرف واحد. وحكى في الموقوف من طرفين قولين: الجواز مطلقاً، والمنع مطلقاً. قال: وهو الصحيح عندي. وقد اختاره ابن القصار، قال: وأما الموقوف أحد طرفيه على الآخر، ففي كراهة ما قرب منه قولان، وما بعد قولان: الجواز والإبطال. وعلى المنع فعن ابن القاسم: يفسخ قبل، ويثبت بعد؛ لأن جل الناس على إجازته.
قال في البيان: واختاره محمد، وفي سماع عيسى عن ابن القاسم: يفسخ ما لم يطل بعد الدخول. وقال أصبغ: يفسخ أبداً وإن طال. وقال أصبغ أيضاً: يؤمرون بالفسخ من غير حكم لاختلاف العلماء فيه. وهذا ما لم يعترف الولي بالافتيات حال العقد، أو يدعي الوكالة؛ فإن اعترف بالافتيات عند العقد فسخ النكاح أبداً اتفاقاً، وإن ادعى الوكالة حال العقد ووافقته الزوجة صح النكاح اتفاقاً. واختلف إذا أنكرت، فقيل: تحلف، وإن نكلت لزمها النكاح. وقيل: تحلف، وإن نكلت لم يلزمها النكاح. واليمين على هذا إنما هي استظهار لعلها تعترف بالوكالة، وقيل: لا يمين عليها. وأما حد القرب، فقال في المدونة: وإن كانت بغير البلد أو فيه وتأخر إعلامها لم يجز وإن رضيت. وهذا قول مالك وأصحابه ونحوه لعيسى لأنه حد القرب بأن يعقد في السوق أو في المسجد ثم يسار إليها بالخبر من ساعته، ونحوه روي ابن حبيب عن مالك أنه اشترط ثلاثة شروط، فقال: إن كان الرضا بقرب تزويجه وكانت معه في البلد والموضع قريب جاز، وإن كانت بغير البلد أو كانت بعيدة وإن جمعهما البلد أو تباعد ما بين تزويجه ورضاها وإن كانا بموضع واحد فلا يجوز. وقال أصبغ وسحنون: اليوم واليومان قريب، والخمسة كثيرة. وجعل مالك اليوم في رواية