وَالْبُلُوغُ بِالاحْتِلامِ أَوِ بِالإِنْبَاتِ أَوْ السِّنِّ وَهِيَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ، وَتَزِيدُ الأُنْثَى بِالْحَيْضِ والْحَمْلِ ....
حاصله أن للبلوغ خمس علامات، منها ثلاث يشترك فيها الذكور والإناث، ومنها اثنتان تختصان بالأنثى. وما ذكره من العلامات متفق عليه إلا الإنبات، ففي اللخمي: اختلف في البكر تشارف البلوغ، فقال ابن القاسم: لا بأس إذا جرت عليه المواسي أن تزوج برضاها، وقال مرة: لا تزوج حتى تبلغ. ونحوه لابن يونس. وعلى المنع فهل يفسخ مطلقاً؟ وهو قول ابن حبيب، أو لا يفسخ؟
ابن عبد السلام: اضطرب المذهب في اعتبار الإنبات كثيراً. وقال بعض متقدمي أصحابنا أنه يعتبر في الأحكام التي بين العباد كالقصاص وما ينظر فيه الحاكم من الحدود، ولا يعتبر فيما لا ينظر فيه القضاة كالصلاة والحج فيقتل من أنبت إن قتل، ولا يؤمر بحج ولا صيام. وقال بعض الشيوخ: إن هذا متفق عليه. أعني ما ذكروه في الأحكام التي بينه وبين الله تعالى. وإنما الخلاف في القسم الآخر، ويرى صاحب هذا القول أن ما جاء من الأمر بقتل من جرت عليه المواسي لا يتعدى إلى غيره من الأحكام التي بين العبد وربه تعالى، والمشهرو في السن ما قدمه. والقول بالخمس عشرة لابن وهب، ولا فرق في هذا الفصل بين الذكر والأنثى.
وَرَجَعَ مَالِكُ إِلَى أَنَّهُ لا تُزَوَّجُ الْيَتِيمَةُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَعَنْهُ: إِنْ دَعَتْ حَاجَةُ- ومِثْلُهَا يُوطَأُ- جَازَ، وقِيلَ: تُزَوَّجُ ولَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا خِيفَ عَلَيهَا الْفَسَادُ ....
(الْيَتِيمَةُ) من لا أب لها، والرواية المشهورة أنها لا تزوج إلا بعد البلوغ.
قال الأستاذ أبو بكر: وهو المذهب الصحيح. وقال القاضي أبو محمد: هو أظهر الأقوال وأصح الروايات، والذي يفتى به، وإليه رجع مالك.