وفِي الرَّاهِبَاتِ مِثْلُهُمْ قَوْلانِ

ألحقهن مالك في العتبية بالرجال، وقال: إنهن أحق بذلك. وقال سحنون باسترقاقهن، لأن الترهب لما منع قتل الرجال تبعه منع الاسترقاق، ودم المرأة لم يمنع منه الترهب، وإنما هو ممنوع بالشرع فلم يكن هناك أصل يتبعه الاسترقاق.

ومَنْ وُجِدَ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَيْنَ الأَرْضَيْنِ وشُكَّ فِي أَنَّهُمْ حَرْبُ أَوْ سِلْمُ، فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا أَمْرُ مُشْكِلٌ ...

قال: (وشُكَّ) لأنه إن قامت أمارة على أنه جاء للحرب أو السلم عمل عليها؛ وأما إن لم تعلم أمارة أو قامت ولكنها تعارضت، فقال مالك في المدونة: في العلج يلقاه المسلمون ببلد العدو وهو مقبل إلينا، فيقول: جئت أطلب الأمان، هذا أمر مشكل ويرد إلى مأمنه. وقال في العتبية: لا يقبل منه. ابن القاسم في العتبية: وإن أخذ ببلدنا فقال: جئت أطلب الفداء، قبل قوله إن أخذ بفور وصوله ولا يكون فيئاً، وإن لم يظهر عليه إلا بعد طول إقامة بين أظهرنا لم يقبل منه قوله ويسترق، وليس هو لمن وجده، ولا يقتل إلا أن يعلم أنه جاسوس فيقتل. وقال ابن حبيب وعزاه لمالك: إن كانوا من بلد اعتادوا الاختلاف منه فيما ادعوه من الفداء، أو التجارة، أو الاستئمان قبل قولهم وردوا إلى مأمنهم، وإلا فهم فيء، وبه قال سحنون وعيسى؛ وهو قول ربيعة في المدونة. وعن سحنون: أنه فيء إذا أخذ ببلدنا، سواء أخذ بقرب دخوله أو بعد طول. وفي كلام المصنف نظر من أوجه:

أولها: كونه أسقط من قول مالك: ورد إلى مأمنه. وهو في نص المدونة كما ذكرنا، وقد ذكره اللخمي وابن يونس على أنه من كلام مالك.

ثانيها: أن قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ) هذا مشكل يقتضي أن مالكاً قال ذلك فيما إذا وجد في أرض المسلمين أو بين الأرضي، وإنما نص مالك على من أخذ ببلد العدو، وألحق ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015