وقوله: (بِالنَّظَرِ) راجع إلى الخمسة؛ يعني: أن التخيير إنما هو بحسب المصلحة ومتى وجد فيها أحسن تعين. ونص الباجي على أنه يجب على الإمام أن ينظر في ذلك بحسب الاجتهاد. قال في الجواهر: ولا يمنع من الاسترقاق كون المرآة حاملاً من مسلم، لكن لا يرق الولد إلا أن تكون حملت به في حال كفره ثم سبيت بعد إسلامه؛ فالحمل سبي. وأما المفاداة: فقد تقدم الكلام على جوازها بالأسرى، وأما بالمال فالمشهور جوازه خلافاً لسحنون. وقال ابن حارث: الخلاف إنما هو في مفاداة الرجال بالمال ولا خلاف في مفاداة النساء به.
ابن يونس: وفي المختصر الصغير ومن استحياه الإمام من الأسارى فلا يقتل، قال في المستخرجة: إلا أن يبقيهم الإمام فيرى فيهم رأيه فله قتل من رأى منهم. انتهى.
فإن أمسكه ليختبر ثمنه فله قتله، وإن أمسكه للبيع ثم بدا له، فقال ابن المواز: له قتله. وقال أصبغ: ليس له وهو الظاهر. اللخمي: وإن من عليه لم يجز أن يحبسه عن الذهاب إلى بلده، إلا أن يكون قد اشترط عليه أن يبقى ليضرب عليه الجزية، فإن أبقاه للجزية لم يجز له أن يسترقه، ويجوز أن يفادي به برضاه. وإن أبقاه على وجه الاسترقاق جاز أن ينتقل معه إلى الجزية والمن والفداء. وإن أبقاه للفداء لم ينتقل إلى الجزية ولا للرق إلا برضاه.
فَلا يُقْتَلُ الضَّعِيفُ، ويُقْتَلُ مَنْ لا يُؤْمِنُ، ولا يمنُ عَلَى ذِي النِّكَايَةِ
لما قال: أولاً بالنظر ذكر هنا بياناً للنظر ومفهوم قوله: (فَلا يُقْتَلُ الضَّعِيفُ) أنه يقتل الشجيع وهو كذلك. قال في البيان: واختلف قول مالك إذا جهلت حالته في قوة النجدة هل يحمل عليها وهو ظاهر قول مالك في المدونة، ويقتل من الأسارى من لا يؤمن؟ الا ترى ما كان من أبي لؤلؤة؛ يعني: قاتل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وقال مرة: لا يقتل إلا أن تتبين منه الفروسية، ووقع هنا نسختين؛ إحداهما: ويُمَنٌّ كما ذكرنا. والثانية: ولا يُمَنُّ، وهما على معنيين؛ فإن فسرنا صاحب النكاية بكونه ينكي المسلمين بقتاله فيأتي لا يمن، وإن فسرنا صاحب النكاية بأنه إذا قتله المسلمون حصلت لأجله نكاية، بأن يكون كبيراً في قومه وليس فيه كبير نجدة فيأتي ويمن. والله أعلم.