فَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ الْمَقْدِسِ، وَلَمْ يَنْوِ الصَّلاةَ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، بِخِلافِ أَنْ يُسَمِّيَ مَسْجِدَيْهِمَا ...
يعني أنه قال: علي المشي إلى المدينة أو المقدس، فإن نوى الصلاة أو ذكر مسجديهما وإن لم ينو الصلاة لزمه الذهاب، وإن لم يحصل أحدهما لم يلزمه؛ لأن المشي لا يلزم إلا أن يكون ربة؛ إذ قد يراد به التجارة وغير ذلك، وإذا احتمل ذلك فالأصل براءة الذمة فلا تعمر بالشك. واستشكل شيخنا رحمة الله وابن عبد السلام عدم إلزامه؛ لأن المتبادر إلى الذهن والعرف إنما يقصد هذان المكانان للصلاة في مسجديهما، فكان ذكر البلدين كذكر المسجدين لدلالة الملزوم على لازمه. قال شيخنا رحمة الله: وكيف يطيب على نفس مسلم أن يأتي المدينة ولا يصلي في مسجد نبيه، ولا يسلم على وسيلته ووسيلة أبيه آدم عليه الصلاة والسلام [255/أ].
وَإِذَا نَذَرَ هَدْياً مُطْلَقاً، فَالْبَدَنَةُ أَوْلَى، وَالْبَقَرةُ وَالشَّاةُ تُجْزِئُ
قوله: (وَإِذَا نَذَرَ هَدْياً مُطْلَقاً) يحتمل أن يريد به من غير تعيين، ويحتمل أن يريد به سواء كان معلقاً أو لا، وما ذكره المصنف من أن البدنة أولى والبقرة الشاة تجزئ نص عليه في المدونة في الحج الثاني، ووقع في كتاب النذور أن من قال: إن فعلت كذا فعلي هدي، فإن نوى شيئاً فهو ما نوى وإلا فعليه بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد وقصرت النفقة رجوت أن تجزئه شاة، ورجعها مالك وقال: البقر أقرب شيء بالإبل، واختلف الشيوخ في الموضعين فذهب اللخمي إلى أن ذلك اختلاف قول، ويخرج من كل واحدة قول في الأخرى، وأشار إلى أنه يمكن أن يجري فيها الخلاف ايضاً من الخلاف فيمن قال: علي صوم شهر وصام بغير الهلال هل يلزمه ثلاثون يوماً أو تسعة وعشرون؟ وهذب جماعة إلى أنه وفاق واختلف هؤلاء على مذهبين، حمل التونسي ما في النذور على الاستحباب، وفرق بعضهم بينهما بأن هذه يمين والتي في كتاب الحج بغير يمين، فلذلك كانت أخف.