ابن يونس: يريد الإحرام من وقت يصل فيه إلى مكة ويدرك الحج، وحكى لنا عن أبي الحسن القابسي أنه قال: بل يخرج من بلده غير محرم، فأينما أدركته أشهر الحج أحرم.
ابن يونس: وقول أبي محمد أولى لأن منى قوله: أنا محرم بحجة؛ أي: إذا جاء وقت خروج الناس خرجت أنا محرماً، على ذلك يحمل قوله ويدل لفظه، وفي كتاب ابن المواز ما يؤيده قال فيه: في موضع يحرم في أشهر الحج، وقال في موضع آخر: يحرم في أول الحج، فهذا يدل على صحة تأويل أبي محمد وهو معنى قول المصنف: (وَقُيِّدَ إِنْ كَانَ يَصِلُ، وَإِلا فَفِي تَاخِيرِ الإِحْرَامِ قَوْلانِ).
وَخُرِّجَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ فِي الْفَوْرِيَّةِ لا فِي الإِحْرَامِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ التَّرَاخِي
أي: وخرج فيها إذا قال "لله علي المشي" قول بفورية المشي من القول بفورية الإحرام بجامع القرية. وما حكاه من أن المشهور التراخي ثبت كذلك في نسخة ولم أقف عليه، ولا يلزم على ما ذكره المصنف أن يكون المشهور كذلك في الإحرام؛ لأن الإحرام ركن والمشي وسيلة والوسائل أخفض رتبة من المقاصد.
وَفِيهَا: أَنَا مُحْرِمٌ، أَوْ أُحْرِمُ يَوْمَ أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ مُحْرِماً يَوْمَ يَفْعَلُهُ، وَفَرَّقَ سُحْنُونٌ وَقَالَ: يَكُونُ بِقَوْلِهِ "مُحْرِمٌ" مُحْرِماً. فَقِيلَ: أَرَادَ الْفَوْرَ فَيُنْشِئُ، وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِنَفْسِ حِنْثِهِ ...
ابن راشد: وإذا قال: إن كلمت فلاناً فأنا أحرم بحجة أو عمرة فكلمه، فلا خلاف في أنه لا يكون محرماً حتى ينشئ الإحرام، وإن قال: أنا محرم، فقال مالك: لا يكون محرماً حتى ينشأ الإحرام، وقال سحنون: يكون محرماً. واختلف الشيوخ في معناه على ما ذكره المصنف، واستشكل اللخمي كونه محرماً بنفس الحنث، وهو حقيق بالإشكال؛ لأن الإحرام عبادة تفتقر إلى نية، ومن شرط العبادات كالصلاة والصيام أن تكون النية مقارنة