ابن بشير: ومثلوه بمن صلى صلاة سها فيها، فوجب عليه سجود السهو فأعادها ثانياً، أن السجود يتقرر في ذمته. وفرق بعضهم بأن المصلي أخطأ في الإعادة وإنما تقررت في ذمته سجدتا السهو، فإذا أعادها أتى بما لم يؤمر به فلم تسقط الإعادة ما تقرر في ذمته، وفي الحج هو مأمور بالعودة فإذا أعاد واستكمل المشي فقد استوفى [253/ب] ما في ذمته من المشي في عودة مأمور بها، ففارق مسألة الصلاة.
ومن نظرائها إذا أحرم بالحج بعد أن سعى للعمرة وقبل أن يحلق لها، وحكمنا بالتزام الدم بسبب تأخير الحلاق، ولو تعدى فحلق فهل يسقط عنه دم تأخير الحلاق أم لا؟ ونظير ذلك: إذا قام من اثنتين واستقل قائماً ثم رجع إلى الجلوس، هل يسقط عنه السجود القبلي لأنه زاد أو نقص أم لا؟ وإذا تعدى الميقات ثم أحرم ورجع هل يسقط عنه دم التجاوز؟ المنصوص فيها عدم السقوط وخرَّج بعضهم السقوط من مسألة الصلاة التعدي بالحلق.
وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ لَمْ تُجْزِهِ الْعُمْرَةُ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ عَلَى الْمَشْهُورِ
هذا قسيم قوله: (وله جعل مشيه الثاني في غير ما كان الأول من حج أو عمرة، إذا كان نذره مبهماً) أي: وإن كان نذره معيناً، إما باللفظ وإما بالنية، فإن عين أولاً الحج لم يجزه أن يرجع ثانياً في عمرة باتفاق؛ لعدم استلزام الحج للعمرة، واختلف إذا عين أولاً المرة هل له أن يجعل مشية الثاني في حج؟ مذهب المدونة لا؛ لتغايرهما، ومقابل المشهور لابن حبيب؛ لأن الحج مشتمل على العمرة وزيادة.
واعلم أن لهذه المسألة صورتين:
الأولى: إذا عجز ثم رجع، كما ذكرنا، وقد ذكر في المدونة المسألة على هذا الوجه، وكذلك ذكرها ابن يونس، وحكى قول ابن حبيب.