خليل: ولا أراه إلا وهماً. ففي الجلاب: ولو ألزم نفسه طاعة بعد معصية لزمته الطاعة ولم يجز له فعل المعصية، فإن فعل المعصية سقط عنه ما علقه بها من الطاعة، مثال ذلك: إن لله علي صدقة دينار إن لم أشرب الخمر، فيلزمه التصدق بالدينار والكف عن الخمر، فإن شرب الخمر سقطت عنه الصدقة ولزمه الحد، وفي الرسالة نحوه.
وذكر المصنف في الطلاق نحوه فقال: (وإن كان محرماً مثل: إن لم أقتل زيداً نُجِّز، إلا أن يتحقق قبل التنجيز على المشهور) فإن قلت: هل يصح كلام ابن عبد السلام على الشاذ؟ قيل: قد أنكر هو وجوده، نعم قد يخرج ما قاله على أحد القولين في أن المعدوم شرعاً هل هو كالمعدوم حسّاً كما قيل فيمن حلف ليطأنها فوطئها حائضاً.
وَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى مَكَّةَ أَوْ بَيْتِ اللهِ أَوِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوِ الْحَجَرِ أَوِ الرُّكْنِ لَزِمَهُ ذَلِكَ بحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ ....
قال في المدونة: ومن قال: علي المشي إلى مكة أو بيت الله الحرام أو المسجد الحرام أو الكعبة أو الحجر أو الركن لزمه. وأما غير ذلك كعرفة ونحوها فلا.
عياض: مذهبه في المسألة إلزامه اليمين إن قال: بيت الله أو الكعبة أو المسجد الحرام أو مكة، أو ذكر شيئاً من أجزاء البيت فقط دون ما عدا ذلك، إلا أن ينوي حجّاً أو عمرة، ولا يلزمه فيما هو داخل المسجد الحرام، ولا داخل مكة ولا خارجها، وهو تأويل أبي محمد وجمهور الشيوخ، وهو مقتضى ما في كتاب [251/أ] ابن حبيب عنه أنه لا يلزمه في زمزم والحطيم والحجر وقد سلم له أبو محمد قوله في زمزم، ولم يسلم له ذلك في الحجر والحطيم لاتصالهما بالبيت، ويحتج لهذا بما في المدونة: ومن قال: أنا أضرب بمالي أو بشيء منه في حطيم الكعبة أو الركن، فعليه حجة أو عمرة ولا شيء عليه في ماله، فقد سوى بين الركن والحطيم؛ لكن قد يتناول ما قاله ابن حبيب على وفق الكتاب في أن من الحجر والحطيم ما ليس من البيت، فكأنه جعل غاية مشية إلى أوله كقوله: إلى الحرم.