والثاني: ما كان معلقاً على حصول نعمة، أو دفع نقمة، كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي كذا، أو أنجاني من البحر. وعلى كلام ابن رشد إنما يكره الأول من هذين النوعين فقط، وعلى هذا فكلام المصنف في الصيام ليس بظاهر، نعم يصح على تأويل اللخمي؛ وذلك لأنه وقع في المدونة في باب الصيام: كره مالك صوم يوم يوقته فظاهره كراهة نذر صوم اليوم مطلقاً. وعلى هذا الظاهر حمله اللخمين لكانحمله ابن رشد على أنه يوم مكرر والله أعلم، واستدل على كراهة النذر المعلق بشرط بوجهين:
الأول: كونه أتى به على سبيل المعاوضة، لا على سبيل القربة المحضة.
الثاني: أنه قد يتوهم منه الجاهل أنه يمنع من حصول المقدور، ويؤيده ما في مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرَج به من البخيل"، وفي مسلم أيضاً وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن قدَّره الله له، ولكنَّ النذرَ يوافق القدرَ فيُخرِج بذلك من البخيل يريد أن يخرج".
قوله: (وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ) هو المعروف، وحكي عن ابن القاسم قول أنه يكفي فيه كفارة يمين. ابن بشير: وما كان من لقيناه من الشيوخ يميل إليه ويعدونه من نذر المعصية، فلا يلزم الوفاء به.
ابن عبد السلام: يحتمل أن يريد ابن بشير بهذا القول ابن عبد البر: إن العدول الثقات رووا عن ابن القاسم أنه أفتى ابنه عبد الصمد لما حلف بالمشي إلى مكة أن عليه كفارة يمين، وأفتاه بذلك حين حلف بصدقة ماله، وقال له: أفتيك بمذهب الليث، وإن عدت أفتيتك بمذهب مالك.
وقوله: (دُونَ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ) من المكروه والمحرم، وحاصله أنه لا يلزم بالنذر من الأحكام الخمسة إلا المندوب، وقسم اللخمي نذر المعصية كصوم يوم الفطر أو النحر، أو